الشيخ أشرف علي عبد الموجود الداعية الإسلامي
السلام عليكم ورحمة الله

قال تعالى:

(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )
الشيخ أشرف علي عبد الموجود الداعية الإسلامي
السلام عليكم ورحمة الله

قال تعالى:

(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )
الشيخ أشرف علي عبد الموجود الداعية الإسلامي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشيخ أشرف علي عبد الموجود الداعية الإسلامي

هذا المنتدي يخص /الدعوة إلي الله
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابه*البوابه*  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 مهارات الإتصال

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مدير المنتدي

ادارة المنتدى


 ادارة المنتدى
مدير المنتدي


عدد المساهمات : 339
السٌّمعَة : 3
تاريخ التسجيل : 30/11/2008
العمر : 59
الموقع : https://ashrfali.yoo7.com/

مهارات الإتصال Empty
مُساهمةموضوع: مهارات الإتصال   مهارات الإتصال Emptyالأربعاء أبريل 16, 2014 8:13 am

تعريفُ الاتّصالِ:

يقولُ اللهُ عزّ وجلَّ في القرآنِ الكريم: ﴿يأيُّها الرّسولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إليكَ منْ ربِّكَ، وإنْ لمْ تفعلْ فما بلَّغْتَ رسالَتَه، واللهُ يعصمُكَ منَ النّاسِ، إنّ اللهَ لا يهدي القومَ الكافرين﴾ (سورة المائدة، آية 67). وقالَ تعالى: ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (سورة الأعراف، آية 62).

توجَدُ تعريفاتٌ عديدةٌ لمفهومِ الاتّصالِ(Communication)، ويرجِعُ ذلك إلى أنَّ عمليةَ الاتّصالِ لا ترتبطُ بميدانٍ واحدٍ منْ ميادينِ الحياة، بلْ تدخلُ في جميعِ ميادينِ الحياةِ الاجتماعيّةِ والسياسيّة والهندسيّةِ والاقتصاديّة والتّربويّة، وكذلك ترتبطُ بالإنسانِ والحيوانِ والنّبات.

• في اللُّغةِ العربيّة، تُشتَقّ كلمةُ (اتّصال) منَ الفعلِ الثّلاثيّ "وصل"، والمضارعُ منه "يصلُ"، ويُقالُ "وَصَلَ الشّيْءَ" أو "وَصَلَ إلى الشّيْءِ وصولا" أيّ بلَغًهُ وانتهى إليه.

• وفي اللُّغَتَيْن الإنْجليزيّة والفرنسية، تُرجَعُ كلمةُ (اتّصال) (Communication / La Communication) إلى الكلمةِ اللّاتينية (Communis) بمعنى: اشتراك. ويُعَرّفُ قاموسُ Dictionnaire de Didactique des Langues) الاتّصالَ بأنّهُ: "نقلُ المعلوماتِ بينَ مُرسِلٍ ومُسْتَقبِل بوساطةِ رسالةِ ما، والّتي تُنْقَلُ بينهما منْ خلالِ قناة اتّصال.

• ويُعَرِّفُ علماءُ الاجتماعِ الاتّصالَ بأنّهُ: "تَبادُلُ المعلومات".

• ويُعرّفُهُ كمال زيتون بأنّهُ: "عمليّةُ تفاعُلٍ بينَ طرفيْنِ حولَ رسالةٍ معيّنَة، أي: مفهوم أو فكرة، أو رأي، أو مبدأ، أو مهارة، أو اتّجاه إلى أنْ تصيرَ الرّسالةُ مشترِكةً بينهما".

• ويعرّفُهُ رضا البغدادي بأنّهُ: "عمليّةُ نَقْلِ الرّسالةِ بينَ مُرْسِلٍ ومستقبِل خلال فترة من الزمن، والعمليّة ليس لها بداية أو نهاية أو تسلسل في الأحداث.

• ويعرّفُه حسين الطوبجي بأنّهُ: "العملية (Process)، أو الطّريقةُ الّتي يتمُّ عنْ طريقِها انتقالُ المعرفةِ منْ شخصٍ لآخرَ حتى تصبحَ مشاعاً بينهما، وتؤدّي إلى الّتفاهُمِ بين هذينِ الشّخصيْنِ أو أكثر، وبذلك يصبحُ لهذه العمليِة عناصرَ ومكوّناتٍ، ولها اتّجاهٌ تسيرُ فيه، وهدفٌ تسعى لتحقيقه، ومجالٌ تعملُ فيه ويؤثّر فيها".

• تعريفُ الاتّصالِ: يمكن لنا تعريف الاتّصال: بأنّه حاجةٌ اجتماعيّةٌ تخصُّ كلُّ كائنٍ حيٍّ، وتُمثّلُ أساساً للتّعارُفِ بكافّةِ أشكالهِ وأهدافه بين النّاس، وهو في ذات الوقتِ، عمليةٌ ديناميكيّة تتمُّ بالّلغةِ الّلفظيّةِ وغيرِ الّلفظيّة بينَ المُرسِلِ والمستقِبل؛ لنقْلِ محتوى رسالةٍ معّينة مِنْ خلالِ القّنواتِ المناسبة بغرضِ تحقيق أهدافٍ معيّنَة".

طبيعةُ الاتّصالِ :

• الاتّصالُ اجتماعيٌّ حيثُ لا يتمُّ إلّا بوجودِ الآخَرين.

• الاتّصالُ حركيٌّ، ويشمَلُ مجموعةً منَ الحركاتِ والإيماءاتِ الصّادرةِ منْ جسمِ كلٍّ منَ المُرسِلِ والمُستقبِل.

• الاتّصالُ مُسبِّبٌ، ويكونُ له أسباب.

• الاتّصالُ مدفوعٌ، ووراءه دافع.

• الاتّصالُ موجِّه، له أهداف.

• الاتّصالُ تفاعليٌّ، يتضمَّنُ تفاعُلاً في اتّجاهَيْن.

• الاتّصالُ نوعيٌّ، ولهُ أنواعٌ عديدةُ.

• الاتّصالُ ضروريٌّ، ويكونُ له حاجة أساسيّة، لا يستطيعُ أيُّ إنسانٍ أنْ يعيشَ بدونِ الاتّصالِ بالآخَرين.

أهداف الإتصال
إنَّ الاتّصالَ وسيلةٌ، وليسَ غايةٌ، فالاتّصالُ الفَعّالُ يساعدُ على:

• تبادلِ المعلومات.

• تحقيقِ التّفاهُمِ والانسجام.

• الفوزِ بتعاوُن الآخرين.

• وضوحِ الأفكارِ والموضوعاتِ والمضمون.

• إحداثِ التّغييراتِ المطلوبة في الأداء والسّلوك.

• أداءِ الأعمالِ بطريقةٍ أفضل.

• منعِ حدوثِ الازدواجيّةِ أو التّضاربِ في العمل من خلال التّشاور.

• وتتلخَّصُ أهدافُ الاتّصالِ بالإعلام والإقناع والترفيه.

ويوصَفُ الاتّصالُ بأنّهُ فعّالٌ، حينما يكونُ المعنى الّذي يقصدهُ المرسِلُ، هو الّذي يصلُ بالفِعْلِ إلى المستقبِلِ، ومنْ هنا فإنّهُ يمكن تحديد أهداف الاتّصال بأنها: إقناعيّةٌ أو إعلاميّة أو ترفيهيّة.

أهميّةُ الاتّصال :

إنَّ الاتّصالَ منْ أقدمِ أوجُهِ نشاطِ الإنسان، وهو منَ الظّواهرِ المألوفةِ لدينا أكثر منْ أيِّ شيءٍ آخَرَ، إذْ أنَّ كلَّ فردٍ يلحَظُ نفسَهُ طرَفاً في عمليّاتِ اتّصالٍ عديدة مع غيره منَ النّاس، كما يرى النّاسُ منْ حولهم يمارسُ كلٌّ منهمْ شكلاً منْ أشكالِ الاتّصال.

كما أنّهُ منَ المُتَعذّرِ على الإنسانِ أنْ يعيشَ دونَ الاعتمادِ على الاتّصالِ الّذي يستحيلُ قيامَ الحياةِ الاجتماعيّة لمجتمعٍ ما دونه، فلا يمكنُ أنْ يتكوّنَ مجتمعٌ دون أنْ يتّصلَ أفرادُه بعضُهم ببعض، ولوْ كانَ الإنسانُ غيرَ قادرٍ على الاتّصال بغيره، لَما تكوّنتْ الأسرةُ أو الجماعة أو القبيلة أو الأمة، وتستحيلُ الحياةُ لو قدرَ الفردُ أنْ يعيشَ بمعزَلٍ عنْ بني جنسِه، فللإنسانِ حاجاتٌ لا يقضيها إلّا بالتّعاونِ معَ زميلٍ له؛ كإقناعِ فردٍ منَ الجنسِ الآخَر أنْ يشاركَهُ الحياة، أو ينقُلُ خبرَتَه ومعلوماتِه إلى أبنائه وبناتهِ، أوْ أنْ يوحّدَ صفوفَ جماعتِهِ، سواءٌ أكانتْ قبيلةً صغيرةً أو أمّةً كبيرةً في مواجهةِ عدوٍّ مشترَك.

فالاتّصالُ عامِلٌ هامٌّ منَ العوامِلِ الّتي تقومُ عليها حياةُ النّاسِ قديماً وحديثاً، وكلُّ فردٍ منّا يمارسُ الاتّصالُ بطريقةٍ أو بأخرى، ويدخلُ معَ مَنْ حولَه مِنْ أفراد وجماعات في عمليّاتٍ اتّصاليّة، يستحيلُ عليه بدونها تسييرُ حياته، وقضاء حاجاته، وهو ضرورةٌ حتميّةٌ لا يستغني عنها مجتَمَعٌ منَ المجتمعاتِ البشريّةِ، ولو فقدَ الاتّصالَ بينَ النّاسِ لَتعذّرَ ظهورُ الحضاراتِ الإنسانيّة، ولَما تحقّقّتْ السّماتُ الثّقافيّة المميِّزَةُ لأيِّ مجتَمَعٍ.

ويقومُ أيُّ مجتَمَعٍ إنسانيٍّ على مقدرةِ الإنسان على نَقْلِ مقاصدِه ورغباتهِ ومشاعرِه ومعارفهِ للآخرين، فبالاتّصالِ يستطيعُ الفَرْدَ أنْ يتكيّفَ بنجاحٍ معَ البيئةِ الّتي يعيشُ فيها، وقد ثبتَ بالتَّجارِبِ العلميّةِ أنَّ الإنسانَ لا يستطيعُ أنْ يعيشَ بدونِ اتّصالٍ فترةً طويلةً، فهو قوّةٌ تشدُّ الأفرادَ والجماعاتِ بعضهم إلى بعض داخل المجتمَعِ المنَظّم.

والاتّصالُ يشيرُ إلى تلكَ العمليّةِ الخاصّةِ الّتي تجعَلُ التّفاعُلَ بينَ البشريّةِ ممكناً، وتساعدُ على أنْ يكونوا كائناتٍ حيّةٍ اجتماعيّة، وقد أشارَتْ الدّراساتُ إلى مستوى الفرد: فإنّهُ يلعبُ دوراً مهمّاً في حياةِ الإنسانِ ومستقبلهِ، حيثُ توضّحُ الدّراساتُ أنّ الإنسانَ يقضي منْ( 70 % - 85 %) منْ وقتِه في الاتّصالِ بالآخَرين، إمّا عنْ طريقِ الإنْصاتِ لهم، أو الحديث معهم، أو القراءة أو الكتابة للآخرين.

ونستطيعُ أنْ نلمسَ أثرَ الاتّصالِ في كلِّ أنواعِ العُلاقاتِ البشريّةٍ والتّجمّعاتِ الإنسانيّة، إذْ أنّ أهميّةَ الاتّصالِ لا تقتصرُ على الفَرْدِ في عُلاقَتِهِ مع الأفرادِ الآخَرين، ولكنّها تشمَلُ أيضاً الجماعات في عُلاقاتِها بالجماعات الأخرى داخل المجتمع، بلْ وتشمَلُ كذلك المجتمَعَ كلَّه في عُلاقتِه معَ المجتمعاتِ الدّوْليّةِ الأخرى، فعنْ طريقِ الاتّصالِ تتعارفُ هذه الأنماطُ منَ الجماعات، وتتلاصقُ وتتشابك َمصالحُها وتتداخل، وبالاتّصالِ تستطيعُ هذه الجماعاتُ أنْ تحافظَ على وجودِها، وأنْ تحقّقَ أهدافَها بحيثُ يمكنُ القولُ: أنَّ الاتّصالَ هو: أساسُ الحضارةِ الإنسانيّةِ، فلمْ تصلْ الحضارةُ البشريّةُ إلى ما هي عليه الآن بغيرِ الاتّصال بينَ النّاسِ.

إنّ الاتّصالَ منْ أهمِّ عناصرِ الحياةِ الّتي لا يمكنُ أنْ تقومَ بدونه، والّتي يقتضي استمرارُها أنْ يكونَ الأفرادُ دائماً مشغولين في محاولةِ نَقْلِ أفكارِهمْ إلى الآخَرين، أو يكونوا هدفاً يتلقّى الاتّصالَ منَ الآخَرين وإلّا ما قامتْ الحياةُ واستمرّتْ.

ومنْ هنا نشيرُ لثلاثةِ أسبابٍ رئيسةٍ، يتّضحُ منها أهميّة الاتّصالِ لحياةِ الجماعةِ وهي:

* إنَّ وجودَ المجتمَعِ ومنْ ثمَّ استمراره متوقّفٌ على نَقْلِ عاداتِ العملِ والتّفكيرِ والشّعورِ منَ الكِبارِ إلى النّاشئين، ولا يمكنُ للحياةِ الاجتماعيّةِ أنْ تدورَ بغيرِ هذا النّقلِ الشّاملِ للمُثُلِ العُلْيا، والأماني والقِيَمِ والآراءِ منَ الأفرادِ الرّاحلين عنِ الحياةِ الجماعيّةِ إلى أولئكَ الوافدين عليها.

* يعيشُ النّاسُ جماعةً أفضلَ بفَضْلِ ما يشتركون فيه منْ أهدافٍ وعقائدَ وأماني ومعلوماتٍ ومعارفَ، والاتّصالُ هو وسيلةُ اكتسابِهم إيّاها.

* إنَّ الاتّصالَ يؤدّي إلى زيادَةِ خِبْراتِ الأفرادِ، فتتّسِعُ خبرةُ كلُّ طرَفٍ عنْ طريقِ الخِبرةِ الّتي يودُّ كلُّ طرَفٍ أنْ يُشْرِكَ زميلَهُ فيها.

فإذا كانَ الاتّصالُ هامّاً في الحياةِ اليوميّة، فإنّهُ لا يقلُّ أهميّةً في حياةِ المؤسّساتِ الاقتصاديّةِ، وإنّْ كانتَ كبيرةً أو صغيرةً، فلهُ دَوْرٌ في جميعِ العمليّاتِ الإداريّة: منْ تنظيمٍ وتخطيطٍ ورَقابةٍ وتنسيقٍ واتّخاذِ القرارات، فالاتّصالُ هو: عصَبُ العمليّاتِ الإداريّة، ومُتَطَلّبٌ حتميٌّ لأيِّ تنظيمٍ، ويَسْهُلُ انسيابُ المعلوماتِ داخلَ قنَواتِ التّنظيم، فإنّ ذلك يساعدُ على كفاءةِ الأداءِ في التّنظيم، وبهذا فإنّهُ حرَكَةٌ ديناميكيّةٌ تتمُّ في مختَلفِ المستوياتِ الإداريّة داخلَ المؤسّسة، ومنْ هنا تقومُ الصّلةُ بينَ الإدارةِ والعاملين.

الاتّصالُ والحَواس:

إنّ الأحاسيسَ والمشاعرَ والأفكارَ تجري في دماغِ كلِّ إنسان. فهي طنينات حسيّةٌ تحدُثُ بشكلٍ فرديٍّ داخلَ دماغِه، ولا يمكنُ أنْ يعلمَ بوجودِها الآخرون، إلّا إذا حدثَ ما يُعلِمُهم بوجودِها، أي حصولُ تواصُلٍ معَهُمْ، يتمُّ بموجبِه إعلامُهم بها، بالإضافةِ إلى ضرورةِ وجود ما يشابهها لديهم، وإلّا يستحيلُ أنْ يتمثّلوها ويتصوّروها، وبالتّالي يعرفوها.

لقد نشأَ التّواصُلُ بينَ أدمغةِ الكائنات الحيّة، وتطوّرَ إلى أنْ أصبَحَ على ما هو عليه الآن لدى الإنسان، فالحيواناتُ وخاصّةٌ الثّديّياتُ الّتي تعيشُ جماعاتٍ، لديها طرُقٌ تنقُلُ بوساطَتِها نواياها أو أفكارَها إلى رفاقِها، فهي تستعملُ الحركاتِ والأصواتِ وتعابيرَ الوجهِ والعينين؛ لِنَقْلِ ما يجري في دماغِها إلى أدمغةِ الآخرين، فالغزالُ عندما يشاهِدُ الأسدَ متحَفِّزٌ لافتراسه، ويشاهدُ تعابيرَ وجههِ وعينيْهِ، ويقرأُ نيّةَ الأسدِ لافتراسِه، يجري ويهربُ بسرعة، والّلبُؤَةُ وكلُّ أمٍّ- لدى الثدييات- تقرأُ أوْ تعرفُ دوافعَ ونوايا طفلِها منْ خلالِ تصرّفاتهِ؛ فتعرفُ بعضَ ما يجولُ في دماغِه، وكذلك وليدُها يعرِفُ بالوِراثة، ويتَعَلَّمُ أنْ يتواصَلَ معَ أمّه؛ فيقرأُ بعضَ ما يجولُ في دماغِها.

لقد استطاعتْ الحيواناتُ أنْ تتواصَلَ معَ بعضِها، ونَقْلِ بعضِ ما يجري في أدمغتِها إلى الآخَرين، فقدْ تَحَقّقَ نقْلُ جزْءٍ ممّا يجري في أدمغتِها إلى أدمغةِ غيرهِا بوساطةِ لُغَةٍ مؤلَّفَةٍ منْ رموزٍ بصريّةٍ وصوتيّةٍ وشَميّة.

يتواصلُ الطّفلُ بعد ولادتِه معَ أمِّهِ بالفِطْرَةِ، ثمّ بإشاراتٍ وتعبيراتٍ وحركات، وبوساطةِ الشَمّ واللّمْسِ والنّظَرِ والسّمْعِ وباقي الحَواس، ثمّ يبدأُ التّواصلُ الُّلغَويُّ بالتّشكُّلِ تدريجيّاً، وبالاعتمادِ على التّواصُلِ الحسيِّ، الّذي هو أساسُ التّواصلِ بينَ الإنْسانِ والواقع ِبكافَّةِ مجالاتِه.

والتواصُّلُ الحسيُّ يبقى الأساسُ في كلِّ تواصُلٍ مباشرٍ مع الآخرين، وهذا التّواصلُ لهُ عناصرُهُ وأسُسُهُ وآليّاتُه، وهو الّذي يقرّرُ نتيجةَ التَّواصُل، فتأثيرُ الّلقاءاتِ المباشِرَةِ بينَ البَشرِ يختلفُ كثيراً عنْ تأثيرِ اللقاءاتِ غيرِ المُباشرة، مثل المُراسلاتِ والاتّصالاتِ الهاتفيّة، فتعابيرُ الوجهِ ونَبراتُ وخصائصُ الكلامِ وطريقةُ الرَدّ، كلٌّ منها تقرأُ المعلوماتِ المتضمّنَةِ في كلِّ تواصُلٍ مباشر، أوسع بكثيرٍ منْ أيِّ لقاءٍ غير مباشر، وتأثيراتُ اللّقاءِ المُباشرِ لمْ تُدْرَسْ بشكْلٍ كافٍ؛ لأنّها أوسعٌ وأعمُّ بكثيرٍ مما يُتَوَقّعُ، وتأثيراتُ اللّقاءِ المُباشرِ تختلفُ منْ مجتمَعٍ إلى آخَر، مع أنّ هناك أسُساً مُشْتَركةٌ عامّة بينَ كافّةِ أنواعِ المجتمعات.

والتّأثيراتُ الاجتماعيّة، الثّقافةُ والعادات وغيرها، ظَلَّتْ تَنْتَقِلُ عبرَ آلافِ السّنين بالاتّصالِ المباشِر، بالتّعابيرِ والتّصرفاتِ والإيحاءاتِ وتعابيرِ الوَجْهِ والعينيْن، مترافقة مع اللّغة.

وقد تطوّرتْ اللّغةُ لدينا نحنُ البَشرُ نحو التّخصص والاختزال والتبسّط إلى أنْ أصبَحَتْ إلى ما هي عليه لدينا الآن، لغةٌ صوتيّةٌ أو بصريّة محكيّةٌ أو مقروءة، وبقيَ استخدامُ كافّةِ أشكالِ التّواصُلِ الأخرى، وتمّ توحيدُ الرّموزِ والدّلالاتِ اللّغويّة؛ لكيْ تسهلَ نقلُ ما يجري في العقل إلى الآخرين، فأصبحتْ أحاسيسُ ومشاعرُ وأفكارُ الآخَرِ مكشوفةً بشكْلٍ كبير، وتَحَقّقَ تواصُلٌ فعّالٌ لدى البشر، فالإنسانُ الآن لمْ يعدْ يعي ذاته فقط، فهو يستطيعُ أنْ يتمثّلَ وعْيَ الآخَرين، ولم يعدْ وحيداً، فقدْ تداخلَ وعيُهُ الذاتيُّ مع وعْيِ الآخَرين.

فالحياةُ الاجتماعيّةُ الّتي يعيشها الإنسان، ليسَتْ مشارَكةً ماديّةً فقطْ، فهيَ مشارَكةٌ في الأحاسيسِ والمشاعرِ والأفكارِ والرّغباتِ والوعيِّ أيضاً.

وباختصارٍ يقولُ "ماكلوهان": إنّ التغيّرَ الأساسيّ في التّطوّرِ الحضاريِ، بدأَ منذ أنْ تعلّمَ الإنسانُ كيفَ يتَصل، فكانَ اتّصالُه منَ الاتّصالِ الشّفهيّ إلى الاتّصالِ السّطريّ ثمّ إلى الاتّصالِ الشّفهيّ مرّةً أخرى، ولكنْ بينما استغرقَ التغيّرَ منَ الشّفهيّ إلى السّطريّ قروناً، تمّ الرجوعُ أو التّحوّلُ مرّةً أخرى إلى الشّفهيِّ في حياةِ الفَردِ الواحدِ، ووَفقاً لِما يقول "ماكلوهان": فإنّ النّاسَ يتكيّفونَ معَ الظّروفِ المحيطةِ عنْ طريقِ توازُنِ الحواسِّ الخمس: السّمعُ والبَصرُ والّلمْسُ والشّمُّ والتّذوّق مع بعضِها البعض، وكُلُّ اختراعٍ تكنولوجيٍّ جديدٍ يعملُ على تغييرِ التّوازُنِ بينَ الحواس، فقبْلَ اختراعِ "جوتنبرج" للحروفِ المتحركة في القرن الخامس عشر، كانَ التّوازُنُ القلبيُّ القديمُ يسيطرُ على حواسِّ النّاسِ، حيثُ كانَتْ حاسّةُ السّمْعِ هي المُسَيْطرة.
الاتّصالُ والإدراك:

يتوقَّفُ سلوكُنا على كيفيّةِ إدراكِنا وانتباهِنا لِما يحيطُ بنا مِنْ أشياءَ وأشخاصٍ ونُظُمٍ اجتماعيّة، ونحنُ نتعاملُ مع المُثيراتِ الموجودةِ في البيئةِ كما نفهمُها وندركُها، وليس كما هي عليه في الواقع، وعلى هذا فإنّ أسلوبَ إدراكِنا للأشياءِ منْ حولِنا يحدّدُ سلوكَنا تجاه هذه الأشياء، وتجاه هؤلاء الناس، وحواسّنا هي وسيلةٌ للانتباه إلى المثيراتِ منْ حولِنا، ثمّ تأتي مجموعةٌ منَ العمليّاتِ الذّهنيّة الّتي تُمثّلُ التّمثيلَ الذهنيّ أو العَقليّ لتلكَ المثيرات، فنقومُ باختيارِ بعضِها، ثمّ نقومُ بتنظيمِها، ثمّ نفسّرُها، لكيْ يؤدّي ذلك في النّهايةِ إلى التّصرُّفِ بشكلٍ مُعَيّن.

لعلّنا نتّفقُ جميعاً أنّنا نعيشُ في عالَمٍ معقّدٍ ومرَكَّبٍ، حيثُ نتَعرّضُ ما بين لحظةٍ وأخرى للعديدِ منَ المثيرات، وقد يظنُّ البعضُ أنّ هذا يَفرِضُ التّعامُلَ التّلقائيَّ والعشْوائيَّ معَ هذه المثيراتِ، إلّا أنّ الواقعَ يشيرُ إلى أنّنا لا نستجيبُ أو نتعاملُ مع هذه المثيرات، أو نختارُ منْ بينِها بشكلٍ عشوائيّ، وإنّما منْ خلالِ عمليّاتٍ محدّدةٍ ومنْتَظَمةٍ يَطلِقُ عليها العلماءُ الإدراك.

ففي هذه البيئةِ المليئةِ بالمثيراتِ، يساعدُنا الإدراكُ على تصنيفِ وتنظيمِ ما نتلقّاه، فنتَصَرّفُ وَفْقاً لتفسيراتِنا للحقيقةِ الّتي نراها وندركُها، وكثيراً ما تكونُ نفسُ الحقيقةِ الّتي نراها غير الحقيقة الّتي يراها أو يدركُها الآخرون، أي إننا نُفَسّرُ ما نراه، ونسمّيه الحقيقة، وقدْ يكونُ ما أدركناه هو الحقيقة أو لا يكون، وهكذا فنحن غالبًا، نرى ما نحبُّ أنْ نراه، ونسمعُ ما نحبُّ أنْ نسمع، فقدْ ينظُرُ النّاس لنفسِ الشيْءِ، لكنّهم يختلفون في إدراكه، فمثلًا يُدرِكُ رئيسٌ لمجلسِ إدارةِ شركة، أحد مديريه- مدير التسويق مثلًا- الّذي يستغرقُ أيّامًا عديدةً لصُنْعِ قراراتٍ هامّةً على أنّهُ بطيءُ التّصرّفِ، وغيرُ مُنَظّمٍ ويخافُ صُنْعَ القرارات، بينما يدركُهُ شخصٌ آخر- مدير زميل له- على أنّهُ مفَكّرٌ متأنٍّ ومنَظّم، وهكذا فإنّ نفْسَ الشّخصِ- مدير التّسويق- قدْ قيّمَهُ رئيسُه سلبًا بيْنما قيّمَهُ زميلُه إيجاباً.

تقولُ د. راوية حسن عن الإدراك: بأنّه العمليّةُ الّتي يقومُ منْ خلالِها الفردُ بتنظيمِ وتفسيرِ انطباعاتهِ الحسيّة؛ لكيْ يضيفَ معنىً للبيئةِ الّتي يوجَدُ فيها، فالأفرادُ المختَلِفون قدْ ينظرونَ إلى نَفْسِ الشّيْءِ، وبالرّغمِ منْ هذا يدركونه بطريقةٍ مختلفة، والحقيقة لا يوجد أحدٌ منّا يرى الواقعَ كما هو، ولكنْ ما نفعلُهُ هو تفسيرٌ لِما نراهُ والّذي نُطْلِقُ عليه الواقع.

ويتّضحُ منْ هذا، أنّ عمليّةَ الإحساسِ تتمُّ منْ خلالِ الخُطواتِ التّالية:

1- تبدأُ عمليّةُ الإدراكِ بشعورِ أو إحساسِ الفَرْدِ بالمثيراتِ الخارجيّةِ الموجودةِ في البيئةِ المحيطة ِ، مثال ذلك الضَّوْء، الحرارة، الصوت...، وتقومُ الحواسُّ بعمليّةِ الاستقبالِ منْ خلالِ السّمْعِ والبَصرِ، والّلمْس، والتّذَوّقِ والشّم، ويتمُّ تحويلُ هذهِ المثيراتِ إلى المراكزِ العصبيّةِ بمخِّ الإنسان.

2- يتمُّ تحويلُ المشاعرِ والأحاسيسِ إلى مفاهيمَ ومعاني مُعَيّنَة، وذلك عنْ طريقِ اختيارِ وتنظيمِ المعلوماتِ وتفسيرِها، بناءً على المخزونِ منْ خبْراتٍ وتَجارِبَ سابقةٍ في ذاكرةِ الفرد، وهذا يعني الخبراتُ والتَّجاربُ السّابقةُ للفرْدِ والمعلومات المخزونة في ذاكرِته، قد تُغَيّرُ وتعيدُ تشكيلَ مستقبلِه، ومنْ ثمّ يراه شيئاً مختلفاً.

عناصرُ عمليّةِ الإدراك:

- تتكوّنُ عمليّةُ الإحساسِ منْ ستِّ مراحِلَ هيَ:

- الإحساسُ:

نحنُ محاطون بالكثيرِ منَ المثيراتِ البيئية، لكنّنا لا نعي معظمَها أو ندركه، إمّا لأنّنا تعلّمْنا أنْ نتجاهلَها، أو لأنّ حواسّنا أيْ أعضاءَنا الحسيَّةَ غيرَ قادرةٍ على استقبالِها والإحساسِ بها، وحواسُّنا الّتي تستقبلُ المثيراتِ هي: 1- النّظر. 2- السّمع. 3- الشّم. 4- التّذوّق. 5- اللّمس، إلا أنّ لهذه الحواسِّ طاقة مُحدّدة، ومع ذلك تختلفُ قوّةُ الحاسّةِ منْ شخصٍ لآخَرَ أحيانًا، ولدى نفْسِ الشّخْصِ منْ فترةٍ لأُخرى، فحاسّةُ السّمعِ مثلًا: تلتقطُ مدىً محدودًا منَ التّردُداتِ، أمّا ما يفوقُ ذلك، فقد لا يمكنُ للبّشرِ سماعُه، لكن قد تسمعُه حيواناتٌ مثل الكلاب، لكنّ بعضّ النّاسِ كفاقدي البصرِ مثلًا، يطوّرون حاسّةَ سَمْعٍ أو لَمْسٍ بمستوىً أعلى أو أقوى من غيرهِم، وطالما توافرَتْ حواسٌّ قادرَةٌ على استقبالِ المثيراتِ في بيئتِنا المحيطةِ، فإنّ هذهِ المثيراتِ تؤدّي لأحاسيسَ أو مشاعرَ، فالحواسُّ بعدَ استقبالِها للمثيراتِ الخارجيّةِ، تنقُلُها عبْرَ الأعصابِ إلى المُخِّ، وهكذا نشعُرُ أو نحسُّ بالصّوْتِ والضَّوْءِ والملمس ِوالمذاقِ والرائحةِ، وهناك أيضاً مثيراتٌ داخليّةٌ في الجسمِ الإنسانيِّ، تنقلُها الأعصابُ للمخّ، مثل الإحساسِ بالتّعبِ أو الألمِ.

- الانتباه:

بالرّغم منْ قدرتِنا على الإحساسِ بكثيرٍ منَ المثيراتِ البيئيّة، إلّا أنّنا لا نلتفِتُ إليها كلَّها، بلْ ننتَبِهُ لبعضِها ونتجاهلٌ البعضَ الآخَر، إمّا لأنّهُ غيرُ مهمٍّ في نظرِنا، أو لأنّنا لا نريدُ رؤيتَهُ أو سماعَه، وهكذا نمارسُ انتباهاً انتقائيّاً لبعضِ المثيراتِ، وحتى ما ننتَبِهُ له فقدْ لا نُدْرِكُه على حقيقتِهِ وبشكلٍ كاملٍ بلْ قد نُدْرُكُه على خلافِ حقيقته أو بشكلٍ جزئيّ.

- التّفسيرُ والإدراك:

تتضمّنُ عمليّةُ الإدراكِ: تنظيمُ وتفسيرُ المثيراتِ الّتي نَحُسُّ بها، فالأصواتُ والصّوَرُ والرّوائحُ العطريّةُ وتصرُّفات الناسِ وغيرها، لا تدخلُ لوعيِنا خالصةً تماماً، وعندما ننتبِهُ إليها فإنّنا نحاوِلُ أنْ نُنَظِّمَ ونصنّفُ المعلوماتِ الّتي نتلقّاها؛ لتفسيرِها وندركُها بمعنىً معين، وبالرّغمِ منْ حرصِنا على سلامةِ ونَقاءِ مُدركاتِنا منَ التَّحيّزِ، فإنّ خصائصَ الموقفِ الّذي نُعايشُه، قدْ يجعلُ ذلك صعْباً، فنحنُ قدْ لا نُحْسِنُ التّفسيرَ أو الإدراكَ عندما تكونُ معلوماتُنا عنّ الشيْء محدودةً أو متناثرةً وغير مرتّبة، يمكنُ أنْ نتَخَيّلَ أمامنا محامٍ، وقدْ جاءَهُ مَنْ يطلبُ مشورَتَه ومساعدَتَه في قضيّةٍ معيّنة، للوهلةِ الأولى سيدركُ المحامي موقفَ هذا العميلِ بشكْلٍ غيرِ دقيق، إذْ أنّ المعلوماتِ الأوّليّة محدودة، لذلك فإنّ مشورتّه ستتأثّر بعدَمِ أو قُصورِ إدراكِه لموقفِ هذا العميلِ أو المُوَكّلِ، وفي عمليةِ الإدراكِ نحاولُ تفسيرَ ما انتقيناه منَ المثيراتِ، وهذا يتطلَّبُ تنظيمَ ما استقبلْناه.

وأخيراً نختمُ بأنّ فهْمَ سلوكِ الأفرادِ وطريقةَ تصرّفاتِهم في المواقفِ المختلفةِ، له أثَرٌ كبيرٌ في نجاحِ المنظّماتِ، وحتّى نتفّهمَ سلوكَ الأفرادَ في المنظّمات، يجبُ أنْ تقفَ على طريقةِ إدراكِهمْ للواقعِ أو العالَمِ الذي يعيشون فيه، ذلك لأنّ إدراكَ الفَرْدِ لهذا الواقعِ، يؤثّرُ لدرجةٍ كبيرة على درجةِ استجابتهِ للمواقف.

عناصرُ الاتّصال:

إنّ النّظرَ إلى الاتّصالِ كعمليّة، يعني أنّ الاتّصالَ لا ينتهي بمجرّدِ أنْ تصلَ الرّسالةَ منَ المصدرِ (المرسِل) إلى المتلقّي (المستقبِل)، كما يعني أنّ هناك العديدَ منَ العواملِ الوسيطةِ بينَ الرّسالةِ والمتلقّي بما يحدّدُ تأثيرَ الاتّصال؛ منْ جهةٍ أخرى فإنّ كُلّاً منَ المُرْسِل والمتلقّي، يتحدّثُ عنْ موضوعٍ معيّنٍ أو موضوعاتٍ معيّنة، فيما يُعرَفُ بالرّسالة أو الرّسائلِ، ويعكسُ هذا الحديثُ ليس فقط مدى معرفةِ كلٍّ منها بالموضوع أو الرسالة، ولكنْ أيضاً يتأثّرُ بما لديهِ منْ قِيَمٍ ومعتقدات، وكذلك بانتماءاته الاجتماعيّة الثّقافيّة بما يثيرُ لديه ردودَ فِعْلٍ معيّنة تجاه ما يتلقّاه منْ معلوماتٍ وآراء، وبّما يحدّد أيضا مدى تأثّرهِ بهذه المعلوماتِ والآراء.

في هذا الإطارِ المُركّزِ، تطوّرَتْ النّماذجُ الّتي تشرَحُ وتفسّرُ عمليّةَ الاتّصالِ بعناصرِها المختلفة، حيثُ ظهرَ في البدايةِ النموذجَ الخطيَّ أو المباشِر؛ الّذي يرى أنّ تلكَ العناصر هي: مُجَرّدُ المرسِل والرّسالةُ والمستقبِل، ولكنّ الدّراساتِ الّتي أُجْرِيَتْ منذُ الأربعينيّات بيّنَتْ مدى قصورِ ذلك النّموذجِ، وحطّمَتْ النظريّةُ القائلة: بأنّ لوسائلِ الإعلامِ تأثيراً مباشراً على الجمهور؛ لقدْ ظهرتْ العديدُ منَ النّماذجِ والّتي تطوَّرَتْ منَ الطَّبيعةِ الثّنائيةِ إلى الطّبيعةِ الدّائريّة، والّتي على ضَوْئِها تتكوَّنُ عمليةُ الاتّصالِ منْ ستّةِ عناصرَ أساسيّةٍ هي: المَصْدَرُ والرّسالةُ والمتلقّي (المستقبِل) ثم رَجْعُ الصّدى والتّأثير، وفيما يلي نبذةٌ موجزةٌ عنْ هذهِ العناصرِ المتّصلة والمتداخلة والمتشابكة مع ظروفٍ نفسيّةٍ واجتماعيّة، تؤثّر في النّهايةِ على انتقالِ الأفكارِ والمعلوماتِ بينَ الأفرادِ والجماعاتِ، وهي على النّحوِ الآتي:

أوّلاً: المرسِلُ: هو الشّخصُ الّذي يُصيغُ أفكاراً في رموزٍ تعبّرُ عنْ معنىً وتحوُّلٍ إلى رسالةٍ تُوجَّهُ إلى جمهور معيّن، ويُقْصَدُ به منشئُ الرّسالة، وقدْ يكونُ المصدرُ فرداً أو مجموعة منَ الأفراد، وقد يكونُ مؤسّسة أو شركة، وكثيراً ما يُسْتَخْدَمُ المصدرُ بمعنى القائمِ بالاتّصال، غير أن ما يجدُرُ التّنويه إليه هنا، إنّ المصدرَ ليسَ بالضّرورةِ هو القائمُ بالاتّصال، فمندوبُ التّلفزيون قدْ يحصلُ على خبَرٍ معيّن منْ موقعِ الأحداث، ثمّ يتولّى المحرّرُ صياغتَه وتحريرَه، ويقدّمُه قارئُ النّشرةِ إلى الجمهور، في هذه الحالةِ وجدْنا بعضَ دراساتِ الاتّصال، يذهبُ إلى أنّ كلّاً منَ المندوبِ والمحرّرِ وقارئِ النّشرةِ بمثابةِ قائمِ بالاتّصال، إنْ اختلفَ الدَّور، بينما يذهبُ البعضُ الآخرُ منَ الدّراساتِ إلى أنّ القائمَ بالاتّصال، هو قارئُ النّشرةِ فقط، وقدْ وسّعَ البعضُ مفهومَ القائمِ بالاتّصالِ؛ ليشملَ كلَّ مَنْ يشاركُ في الرّسالة بصورةٍ أو بأخرى، فإنّ البعضّ الآخَرَ، يُضيّقُ المفهومَ قاصراً إيّاه على مَنْ يقومُ بالدّورِ الواضحِ للمتلقّي، حيث يؤثّر على المرسِل أموراً كثيرة، وفي ضَوْءِ ذلك يحدّدُ ديفيد بدلو أربعةَ شروطٍ أساسيّة

1- مهاراتُ الاتّصال:

توجدُ خمسُ مهاراتٍ أساسيّة يجبُ توافرها، وهي: الكتابةُ، التّحدّثُ، القراءةُ، الاستماعُ والقدرةُ على التّفكيرِ ووزنِ الأمور؛ لأنّ القدرةَ على التفكيرِ تساعدُ في تحديدِ الأهدافِ والقيامِ بعمليّةِ التّرميزِ.

2- اتّجاهاتُ المصدر:

اتّجاهاتُ المصدرِ تكون نحو نفسِه، ونحو الموضوع ونحو المتلقّي، فاهتزازُ الثّقة في النّفسِ يؤثّر على عمليّةِ الاتّصال، وقوّةُ الثّقةِ في النّفسِ تساعدُ على قدرةِ عَرْضِ الرّسالة، مثل: المذيعُ أمامَ الجمهورِ – الخطيب.

3- مستوى المعرفة:

مستوى المعرفةِ يؤثّر في طبيعةِ وتكوينِ عمليةِ الاتّصال لدى المرسِل؛ لأنّنا لا نستطيعُ أنْ ننقلَ رسالةً لا نعرفُ مضمونَها، ولا نستطيعُ أنْ نقولَ شيئاً لا نعرفه، فكلّما كانتْ المعرفةُ ومستوياتها متساوية أو متشابهة لدى الطّرفين، كانتْ العمليّةُ أكثرَ وضوحاً.

4- النّظامُ الاجتماعيُّ والثقافيّ:

يتأثّرُ المرسِلُ بمركزِه في النّظامِ الاجتماعيِّ والثّقافيّ؛ لكيْ نحدّدَ فاعليةَ الاتّصال، علينا أنْ نعرفَ أنواعَ النّظُمِ الاجتماعيّة التي تعيشُ فيها، منْ خلالِ الإطارِ الثقافيّ والاجتماعيّ الّذي يعيشُهُ (معتقدات، عادات وقِيَم، أنواعُ السّلوكِ المقبولة وغير مقبولة التطلعات، والتوقّعات الخاصّة وغيره)؛ لأنّ مركزَ المصدرِ في النّظامِ الاجتماعيّ والثقافيّ، سيؤثّر عليه وعلى سلوكِ الشّخصِ بشكلٍ عامّ.

ثانياً: المستقبِل:

المتلقّي هو أهمّ حلقةٍ في عملية الاتّصال، فالقارئُ هو الشّخصُ المهمُّ عندما نكتبُ، والمستمعُ المهمُّ عندما نتحدّث، ويجبُ أنْ يضعَ المصدرُ في اعتبارهِ طبيعةَ المتلقّي حتّى يضمنَ تحقيقَ الهدفِ من الرّسالة، والمتلقّي لا يستقبلُ الرّسالةَ ويتأثّرُ بها مباشرة، وإنّما يقومُ بعمليّةِ تنقيةٍ حسب سماتهِ النفسيّة والاجتماعيّة، ومستوى تعليمِه واتجاهاتهِ، حيثُ يقومُ بفكِّ رموزِ الرّسالةِ بناءً على خبْرتهِ السّابقة.

ثالثاً: الخبرةُ المشترَكة:

كلُّ فرْدٍ منّا يحملُ كمّاً مِنَ الخِبْراتِ والعاداتِ والتّقاليدِ والمعارفِ، والاتّجاهاتِ والسّلوكيّاتِ الّتي تصاحبُه أينما ذهب، وحيثُ يكونُ الأشخاصُ الّذينَ نتّصلُ بهمْ لديهمْ خبرةٌ حياتيّةٌ مشابهةٌ لنا، فإنّ فُرَصَ التّفاهمِ وتحقيقِ النّجاحِ في الاتّصالِ يكونُ متاحاً بطريقةٍ فعّالة.

رابعاً: الرّسالة:

الرّسالةُ هي: مضمونُ السّلوكِ الاتّصالي، فالإنسانُ يرسلُ ويستقبلُ كميّاتٍ ضخمةٍ ومتنوّعةٍ منَ الرّسائلِ، بعضُ الرّسائلِ يتّسمُ بالخصوصيّة مثل: ( الحركات والإيماءة والإشارة والابتسامة والنظر)، وبعضُ الرّسائلِ يتّسمُ بالعموميّة مثل: (النّدوات، المحاضرات، المؤتمرات، الصحف، الدوريات، الراديو، التلفزيون والسينما)، وهي أيضاً المنبّه الّذي ينقلُه المصدرُ إلى المستقبل، وتتضمّنُ المعاني منْ أفكارٍ وآراءٍ، تتعلّق بموضوعاتٍ معيّنة، يتمّ التّعبيرُ عنها رمزيّاً، سواء باللّغة المنطوقة أو غير المنطوقة، وتتوقّف فاعليّةُ الاتّصالِ على الفَهم المشترَكِ للموضوع واللغة التي يقدّم بها، فالمصطلحات العلميّة والمعادلات الرياضية المعقدة الخاصة بالكيمياء الحيوية مثلاً، تكونُ مفهومةً بينَ أستاذ الكيمياء وطلابه، أمّا إذا تحدّث نفْسُ الأستاذِ عن الموضوع مع طلّاب الإعلام والاتّصال، لا يكون الأمر كذلك، فهناك فجوة أو عدم وجود مجال مشترك للفهم بين المرسِل والمستقِبل، والمنطق نفسه إذا كان الأستاذ يلقي محاضرة بلغة لا يفهمها أو لا يعرفها الحاضرون، أو إذا استخدم إيماءات وإشارات ذات دلالة مختلفة لهم، منْ جهة أخرى تتوقف فاعلية الاتّصال على الحجم الإجمالي للمعلومات المتضمنة في الرسالة، ومستوى هذه المعلومات من حيث البساطة والتعقيد، حيث أنّ المعلوماتِ إذا كانتْ قليلةً فإنّها قد لا تجيب على تساؤلات المتلقّي، ولا تحيطه علماً كافياً بموضوع الرسالة، الأمرُ الّذي يجعلها عُرضَةً للتّشويه، أمّا المعلومات الكثيرة فقد يصعب على المتلقّي استيعابها، ولا يقدر جهازه الإدراكي على الربط بينها.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ashrfali.yoo7.com
 
مهارات الإتصال
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشيخ أشرف علي عبد الموجود الداعية الإسلامي :: أقرأ(جديد الكتب )-
انتقل الى: